لا شك أن من هم في حكم الأحوازيين من شعوب المنطقة على تماس خاص بالدولة الفارسية، يعون جيداً أسرار العوامل المؤثرة والمحركة لأزمات منطقة الشرق الأوسط أكثر من غيرهم، لذا فنحن الأحوازيون وبحكم ظروف الاحتلال التي ربطتنا بالدولة الفارسية، عايشنا ومازلنا نعايش هذا الكيان بكل خصوصياته، ما جعلنا أكثر فهماً للعقلية الفارسية وكيفية تفكيرها والنوايا والأهداف المحركة لها أكثر من غيرنا في المنطقة، نتيجة للصفة المحورية الملازمة للدور الفارسي في إثارة القلاقل في المنطقة.
لذا حاول الأحوازيون في كثير من الأحايين أن يُعرّفوا العقلية الفارسية وطبيعتها العنصرية تجاه الآخرين وخاصة تجاه العرب منهم، ونواياها التوسعية.ولكن نتيجة للعلاقة العدائية بيننا كشعب أغتصبت أرضه وبين الفرس المغتصبين( بكسر الصاد)، تعودنا أن يُنظر إلى تقييمنا للدولة الفارسية وطبيعتها وتحذيراتنا لمن يعنيهم الأمر من مخططاتها، ينظر إليها على أنها مُبالغ فيها، وتُحمل على محامل التشويه والتشويش، إلا أننا ومن باب فذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، سنظل نذكّر إخوتنا العرب بحقيقة الكيان الفارسي حتى نهتك ستر الغموض الذي يتوشح به هذا الكيان ليحجب الرؤية عن الغافلين، وسنظل نفضح زيف الشعارات التي تخفي أهدافه ونواياه الخبيثة .
ليس من قبيل الإدعاء أو التجني أو الرغبة في التشويه إذا قلنا بأن مصلحة الدولة الفارسية تكمن في بقاء القضية الفلسطينية دون حل لتُشغل العرب عن شؤون التنمية، ولتبقي المنطقة محرومة من عوامل الأمن والاستقرار اللازمين لأي توجه يتيح للدول العربية فرص استقلال ثرواتها وتوفير العيش الكريم لمواطنيها، وكذلك لتكريس عوامل الضعف والتخلف الملازمين للواقع العربي على مدى عقود الصراع الناتج من زرع الكيان الصهيوني في فلسطين. والاهتمام الذي تبديه، والشعارات التي ترفعها، نصرة للقضية الفلسطينية كما تدعي ليس إلا ذر الرماد في العيون لتعميق واقع الانقسام على الساحة الفلسطينية وتعقيد مسارات الحل لهذه القضية التي استنزفت الأمة العربية باعتبارها قضيتهم المركزية.
بذلك تكون الدولة الفارسية قد حققت الدور التآمري على الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، وستظل تقوم بدورها في المنطقة حتى تكافأ عليه كما كان الحال في كل أدوارها التآمرية عبر التاريخ .
فالدولة الفارسية التي تسعى لبناء مجدها وقوتها على حساب شعوب المنطقة، أثبتت أنها تجيد التآمر على جيرانها، وهذا ما يؤكده تاريخ الدولة الفارسية التي توسعت رقعتها على حساب الشعوب المجاورة لها بالتحالف مع الغزاة، واليوم ينكشف دورها المفصلي في غزو العراق وأفغانستان الذي يقال أنه لو لا دور الدولة الفارسية لواجه الغزاة مصاعب وخسائر ربما أثرت في النتائج النهائية لغزو هذين البلدين المسلمين. وهكذا كلما قدم طامع لغزو المنطقة، كان الفرس ضالتهم لتحقيق ما يريدون.
وهذه ليست إدعاءات بقدر ما هي حقائق واقعية ملموسة، أو وقائع تاريخية كانت لها دورا في تشكيل واقعنا الحالي، ربما رفضها الموالون للفرس من العرب، مرددين الشعارات التي ترفعها الدولة الفارسية، وأنها الأمل في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وتحرير القدس وإعادته للأمة الإسلامية، وأن عزم رئيسها على إزالة إسرائيل حقيقة يجب تصديقها، وعليه فإن التشكيك في دورها في العراق ولبنان وفلسطين وفي الوطن العربي عامة ليس إلا مؤامرة تخدم المشروع الصهيوني الأمريكي لضرب الأمل الذي تمثله (القيادة الإسلامية الثورية في إيران)!!.
أما الدلائل التي تجعل الكيان الفارسي يحبذ أن تبقى فلسطين محتلة من قبل الكيان الإسرائيلي، وما الملايين التي يصرفها على أدواته في البلدان العربية الا لإطالة أمد احتلال فلسطين إلى ابد الآبدين:
أولا- تحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي يعني إزالة الغشاوة التي كانت تحجب الأحواز عن الأنظار، حيث تجعلها ساطعة أمام الرأي العام العربي والعالمي، و سوف تطفوا على السطح كل الجرائم والمذابح التي ترتكبها، و يشاهد العالم كيف إن الإنسان الأحوازي يصلب في غيبة الضمير الإنساني، والإعلام العالمي والعربي سوف يأخذ دوره في الدفاع عن الإنسان والإنسانية التي تذبح في الأحواز بعد أن تحل القضية الفلسطينية، لذا إزالة الغشاوة (تحرير فلسطين) تُــعد الحماقة الكبرى بالنسبة للدولة الفارسية إذا ما ارتكبتها، إذن نسأل العاقل هل يعقل إن الدولة الفارسية التي تحتل أجزاء من الوطن العربي (الأحواز و الجزر الإماراتية) أن تحاول دعم القضية الفلسطينية حتى التحرير!!؟
بكل تأكيد كلا. إذن لا يمكن أن تزيل تلك الغشاوة بيدها كي تظهر إنها أبشع وأقبح من إسرائيل في تفننها بارتكاب الجرائم.
ثانيا- تصوروا معي؛ إذا افترضنا إن الدولة الفلسطينية استقلت، ألا تستقر الدول العربية؟
الم ينقطع الصوت العالي الفلسطيني وتعلوا أصوات ومظالم أخرى منسية أو متروكة (الأحواز) بسبب كثرة المشاكل العربية؟
الم تتفرغ الدول العربية لبناء دولها اقتصاديا، سياسيا واجتماعيا و لا ننسى الحلم الوحدوي ممكن أن يتحقق على قرار الدول الأوروبية إذا أزيل عامل المعرقل لذلك؟
الم تبقى الدولة الفارسية وأهدافها التوسعية وبالا على المنطقة؟ الم يكن في تحرير فلسطين مردود عكسي على الدولة الفارسية؟
أجد لسان حال الفرس يقول: “فلتبقى فلسطين محتلة إلى ابد الآبدين ما دام امننا وجغرافيتنا و أهدافنا التوسعية في سيرها للأمام.
ثم إن الدعم الذي يقدم للفلسطينيين(حماس) وحزب الله… هو بالأساس مسروق من الأحواز العربية، فإذا تم صرف الجزء القليل منه على حفظ سلامة أراضيهم ويخدم سياستهم التوسعية في البلدان العربية إذن هو مكسب ليس خسارة لهم.