الدكتور فيصل القاسم وقناة الجزيرة … هل حان الوقت لطرح القضية العربية الاحوازية؟
بقلم: عادل السويدي - مسؤول المكتب السياسي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز
تُعتبر قضية العربية الأحوازية واحدة من القضايا الحساسة والمعقدة والاستراتيجية في العالم العربي، خاصة في ظل الظروف السياسية والإعلامية التي تحكم العلاقة بين الدول العربية وإيران. ويمكن تفسير تجنّب الدكتور فيصل القاسم التطرق إلى هذه القضية في برامجه وتغريداته بعدة عوامل، منها:
أولا – القيود التحريرية لقناة الجزيرة
فكما أعلنت، قناة الجزيرة، التي سيعود للعمل بها قريبا الدكتور فيصل القاسم، ووفق ما أعلن هو كذلك في صفحته بمنصة X، وقد تبقى محظورة (القضية العربية الأحوازية) عن التطرّق اليها – هكذا تعاملت القناة وإعلامييها – عبر المنع التام في تناول هذه القضية العربية الاستراتيجية حصرا، ومنها المنع التام في الكشف عن ابعاد سياسات التفريس الخطيرة التي تمارسها سلطات الاحتلال الايرانية منذ قرن من الزمان ضد الاحواز (شعبا تعداده 10 مليون انسان، ووطنا جغرافيته 375.000 كم مربع، وثرواته: النفط والغاز والبتروكيماويات، وتاريخه) بعد عدوانها العسكري واحتلالها غير الشرعي لدولة الاحواز العربية في 20 من نيسان/ابريل العام 1925م واسر اميرها ثم قتله بطهران في العام 1936م، هذه القضية الاستراتيجية التي تم إلغاؤها من اهتمامات السياسيين العرب واعلامييهم وحتى الكتاب، وتم منعهم بشكل تام من الدخول الى الاحواز لإجراء ابحاثهم الميدانية، إذ بقي هذا الحال ساريا لغاية اليوم منذ قرن من الزمان وبالاوامر البريطانية والغربية والايرانية لأنها قضية هامة على كل المستويات، وان طرحها بشكل علمي ومنهجي وسياسي ستقلب موازين القوى في المنطقه والعالم، لذلك فان عمل قناة الجزيرة المضادة لحقوق الشعب العربي الاحوازي ولعدالة مساعي حركته الوطنية الباسلة الساعية لكبح جماح سياسات التفريس والقهر والتهجير لمئات الآلاف من السكان الاصليين العرب فيها واستبدالهم بمستوطنين فرس وغيرهم، ناهيك عن آلاف الأسرى السياسيين في سجون ايران والاعدامات المتتالية للعرب، كل هذا وقناة الجزيرة واعلامييها الموجهين يأتي منعهم لهذه القضية تحديدا تجاوبا لتجنب توتير العلاقات مع دول معينة في المنطقة تبسط ايران عليها كلمتها واحتلالها لهم، مثل : العراق وسوريا ولبنان واليمن وقطر وسلطنة عمان وغيرهم كذلك.
ومن المحتمل أن يكون هناك توجيهات ضمنية وواضحة للعاملين في القناة بعدم إثارة موضوع الأحواز تجنبًا لأي تداعيات سياسية أو دبلوماسية مع طهران. هذه السياسات قد تُفرض حتى على المذيعين الذين يحملون وجهات نظر شخصية قوية ضد التدخلات الإيرانية.
ثانيا – الضغوط المهنية:
وان الدكتور فيصل القاسم، كبقية الإعلاميين العاملين في قنوات ذات تأثير عالمي، قد يجد نفسه مضطرًا إلى الموازنة بين مواقفه الشخصية والتزاماته المهنية. وقد يتجنب القاسم تناول موضوع الأحواز بشكل مباشر لتجنب أي صدام محتمل مع سياسات القناة التحريرية، مما قد يؤثر على استمراريته في العمل وعلى منصته الإعلامية، ويزيد من سخط الشعب العربي الأحوازي واحرار الشعوب العربية ومثقفيهم ممن لديهم مواقف أخلاقية وانسانية ووعي ضد الممارسات الوحشية لسلطات الملالي القمعية ضد الاحوازيين والشعوب غير الفارسية في إيران.
ثالثا – العتب الأحوازي للدكتور فيصل ولضيوفه العرب الصادقين :
لقد كنا قد أقدمنا – كشخصيات وكحركة التحرر الوطنية الاحوازية – مراراً على مناشدة السيد الدكتور فيصل القاسم، وحتى ضيوفه من الاعلاميين والسياسيين العرب الواعين، لإنصاف قضيتنا العربية الأحوازية من خلال تقديم المعطيات الموضوعية الرقيمة والحديثة في سياق توضيح أبعاد القضية القومية الأحوازية، أرقاماً علمية مصدرها الأمم المتحدة وكذلك المعطيات الميدانية حول سياسات التفريس المجرمة التي يمارسها الإحتلال الفارسي الصفوي ضد الشعب والأرض الأحوازييْن، وحرف الأنهار والإعدامات والمطاردات والاستيطان والسجون والإبعاد العنصري للأحوازيين ضمن سياسات التفريس المتوحشة وتطوراتها المخيفة منذ قرن من الاحتلال.
وختاما نقول: يبدو أن التحدي الذي يواجهه الدكتور فيصل القاسم المبدئي هو كيفية التوفيق بين مواقفه الشخصية المؤيدة للحقوق العربية والتزاماته المهنية ضمن الإطار التحريري لقناة الجزيرة. قد يُحاول القاسم، كما يفعل أحيانًا، أن يُعبّر عن مواقفه بطرق غير مباشرة أو من خلال توجيه انتقادات عامة للسياسات الإيرانية دون الدخول في تفاصيل القضية الأحوازية بشكل مباشر. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان هذا النهج سيكون كافيًا للتعبير عن تضامنه مع قضية الأحواز وقضية شعبها العربي المغلوب على أمر المحتلين الايرانيين، من جهة، وتحقيق التوازن بين مبادئه ومتطلبات عمل فيصل القاسم الإعلامي، من جهة أخرى.