بسم الله الرحمن الرحيم
قد ننحني للريح عند هبوبها لكننا للريح لا ننقادُ
مطر العقيدة سوف يجرف افكها كل الأصابع تحتهن زنادُ
أهواك يا خير الرجال ونورهم وأراك في كبد السماء عمادا
أوقدت نار الحب حبا صادقا وقدحت في قلب المحب زنادا
قلت له أشرت في كلامك أنك ذهبت إلى الخدمة العسكرية لماذا تذهب إلى الخدمة العسكرية وأنت من دعاة التحرير و كما تعرف لا يمكن للمحرر أن يخدم العسكرية لنظام يحتل أرضه وشعبه وهذا ما نسمع عنه في كل أنحاء العالم و خير مثال فلسطين المحتلة ؟
قال :قبل ذهابي إلى الخدمة العسكرية في تاريخ 18/ 4/ 1374 لم أكن أحمل أفكارا سياسية معينة أو كافية ولم أكن أنتمي إلى أي جهة سياسية بل كل ما كنت أشعر به أنني كغيري من الأحوازيين الأحرار لا نحب الفرس لأنهم أعداءنا ويستهدفوننا دائما ليس فقط في لقمة عيشنا و كرامتنا وأرضنا بل يستهدفون وجودنا كعرب أيضا وهذا شعور طبيعي و يحمله كل عربي أحوازي لهؤلاء الفرس الذين استولوا على أحوازنا الحبيب و سببوا لنا الكوارث بسيوفهم المسلطة على رقابنا. ولا أخفي عليك أخي العزيز كان هذا الشعور جرسا يرن في رأسي وقلبي وجميع شراييني، فعند ما كان عمري لم يتجاوز العشرة سنوات فقط كنت أسمع من أهلنا النشامى، شباب وشيوخ الزركان يتحدثون عن بطل ضرغام و فارس همام على الساحة النضالية الأحوازية وهو شخص مفقود لحد اليوم(الشهيد البطل ذكر اسم هذا المفقود ولكن مع الأسف نسيت اسمه) واليوم أنا والكثير من أبناء الزركان مازلنا نتفاخر بذلك البطل وعند ملاقاة أهله ننحني لهم إجلالا و إكراما على تضحية ابنهم الهمام ومازلنا نطلب له الثأر بعد ثأر الوطن المغتصب.
استوقفني كلام الشهيد راضي زركاني عندما قال نطلب لذلك البطل الزركاني الثأر بعد ثأر الوطن وسألته ماذا تقصد؟
قال :في رسوم قبائلنا العربية هو الأخذ بالثأر لمن يقتل ولكن شهيدنا و مفقودنا ضحى من أجل الوطن وعلى أيدي هؤلاء المحتلين الفرس و معركتنا مع العدو لا تتم بأخذ الثأر. وأيضا تعلمنا في مدرستنا النضالية أن أرواحنا ترخص للوطن وكلنا فداء لهذا الوطن إلى أن يتحرر من الفرس ، لذا أجسامنا سلم للصعود نحو التحرير و هنا الثأر لا يكون له أي معنى لأن الوطن أعلى درجة من كل الأشياء التي يتعصب لها الإنسان والثأر للوطن يكون واجبا على كل إنسان حر، و الثأر لأبطالنا الذين ضحوا بأنفسهم لهذا الوطن له طعما و متعة حقيقية عندما يتحرر الأحواز من هؤلاء الفرس .
(الشهيد البطل راضي زركاني عندما كان يتكلم هكذا كان بدني يقشعر وكنت أشعر كم أنا صغير أمامه وكم أنا ضعيف عندما كنت لا أفهم هذه الأشياء التي يتحدث بها هو ورفاقه الأبطال وكنت أعيش في هذه الدنيا واستمتع بملذاتها الفانية دون أن أفكر بشيء… وعندما كنا نذهب إلى النوم كل هذا الكلام كان يتكرر في خاطري واحتقرت نفسي عندما كان معنى الوطن عندي مجرد بقعة أرض أسكنها وفي النهاية أدفن فيها لا يعنيني من يحكمني فيها، هنا كنت أشعر بضعف شديد في نفسي أمام هؤلاء الأبطال. كنت أقول لنفسي سبحان الخالق كيف اجتمعت هذه الشجاعة الهائلة في هذا البطل رغم نحافة جسمه وبعدها أجيب على نفسي عندما أتذكر الأبطال الذين يذكرهم التاريخ من استشهاديين وغيرهم ثم أجد أن الإيمان بقضية ما هو الذي يعطي الإنسان دافعا كبيرا في التضحية من أجل قضيته و إيمان أخوتي الذين عايشتهم في هذا المكان هو كان الأساس في ثبات معنوياتهم وصمودهم طوال فترة التعذيب ) .
في يوم من الأيام كان البطل راضي زركاني حزينا جدا عندما كنت أتحدث معه ولهذا السبب سألت منه هذا السؤال لكي يخرج من هذه الحالة وبعد ابتسامة جميلة أجابني وسؤالي كان: سمعت من رفاقك في النضال أن اسمك الحركي هو أبو كاظم و أنت لم تكن راغبا في هذا الاسم ، لماذا ؟
قال: نعم اسمي الحركي هو أبو كاظم وكنت غير راغب في ذلك و اعترض الاخوة الذين كانوا ضمن مجموعتي عدة مرات لأن هذا الاسم أولا- اسم مذهبي و أنا رجل قومي أكثر من أن أكون مذهبيا وثانيا- عندما أطلق و تثبت هذا الاسم لي، كان الموقف ليس اختياريا .لأنه في لقائي الأول للأخ أبو محسن الذي كنت احترمه كثيرا ولا استطع أن أرفض له طلبا قال لي أعرفك باسم أبو كاظم لذا أنا لم اعترض على هذا الاسم لأني كنت أتصور أنه اسم ليوم واحد و أستطيع تغييره فيما بعد ولكن اكتشفت بعدها أن هذا الاسم أصبح ليس ليوم واحد أو اثنين بل ما يقارب العشرة سنوات وبعد مرور الأيام أصبح هذا الاسم جميلا وسلسا جدا وحاليا افتخر فيه لأنه يحمل تاريخي و رددهُ أفضل رفاقي ولو خيروني بينه وبين أفضل الأسماء لاختارته نفسي ….
شهدائنا الأبطال ذات يوم ذكروا لنا موقفا من الشهيد البطل راضي زركاني أثناء أحد العمليات البطولية التي نفذت بكل شجاعة وهذا الموقف أضحك جميع الحاضرين معنا لذا سألناه أن يشرح لنا ذلك الموقف ولماذا ؟
قال: قال أخي والله كنت لا أعلم بهذه العملية أبدا …، في يوم من الأيام كلمني هاتفيا الرفيق أبو ( ج ) وطلب مني الحضور في دوار المطار فجئت إلى المكان المحدد مستعجلا وعند ركوبي في السيارة شاهدت لأول مرة الرفيق البطل أبو جهاد (الشهيد عبدا لله ) والرفيق البطل أبو ياسر (الشهيد عبد الأمير) متجهين لتنفيذ إحدى العمليات ولكن أنا كنت لا أعرف في هذا الأمر بينما رفاقي الآخرون كانوا يتصورون أني أعرف إلى أين نتجه وعندما كنا نسير عبر طريق الأحواز – عبادان وعند مرورنا على نهر في الطريق طلبت منهم السباحة في النهر و هذا ما أضحكهم وقالوا بلهجتنا الأحوازية( الله وين و السباحة وين) وبعدها في الطريق تكلموا الشباب عن العملية و قالوا قبل أسبوع أكملت كل مخططات هذه العملية لتنفيذها واليوم نحن متوكلون على الله أولا ثم على ذكائنا وسرعة عملنا في إحراز النصر إنشاء الله وهذه بقيت ذكرى جميلة بيننا و بعدها كلما كنا نسير ونشاهد أمامنا نهر يقولون لي هل تريد السباحة أم لا؟
وأيضا شرح لنا موقفا ثانيا حصل له في إحدى العمليات لم يتحدثوا رفاقه الآخرون عن هذا الموقف وقال ذلك اليوم أنا كنت ألبس حذاء قيصريا ( قندرة قيصرية) وهذا الحذاء بالطبع لا يصلح لهكذا أعمال وبقيت في البداية بين نارين ،نار الخجل من رفاقي الذين بكل تأكيد سيضحكهم هذا الأمر مرة ثانية وبين نار صعوبة التحرك بهذا الحذاء أثناء العملية التي تريد تحرك وهمّة وسرعة و… لذا اخترت نار رفاقي وبسمتهم وضحكتهم الجميلة وقلت لرفاقي يا إخوان سيروا في طريق محل أحذية ، نظروا إلي باستغراب ،وأنا أيضا دون أن أتكلم أشرت بإصبعي على الحذاء الذي كنت ألبسه ، وعندما شاهدوه ضحكوا و أضحكوني معهم ثم اتجهنا إلى أحد المحلات و اشترينا حذاء رياضيا وبعد رجوعي إلى السيارة قلت لهم فزت عليكم بحذاء جديد من منكم دخل عملية وقبلها حصل على شيء مثل هذا ؟؟ قالوا لا تفرح بعد العملية سنعمل قرعة على هذا الحذاء… وكان ذلك اليوم بمثابة يوم فرح للجميع …..
سألت شهيدنا البطل راضي زركاني عن شعوره بعد سماعه اعتقال أو استشهاد خلف دهراب و هو أيضا في أي لحظة يمكن أن يعتقل أو يستشهد؟
قال :
يتبع…