تقارير

 لماذا هذا الاستهداف  للغة العربية في الأحواز؟ – الجزء الثاني

أحوازنا | المكتب الإعلامي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز

 

التاريخ:

التاريخ يعتبر أحد المكونات الرئيسية لهوية أي شعب أو أمة، و يلعب دورا أساسيا في تبلورها لأنه يحمل كل جذور الهوية. و إذا يوما ما فقد شعب ما هذا المكون من  مكونات هويته، أو بالأحرى تم تهميشه و ذلك لأسباب و اعتبارات مختلفة، ستكون بداية النهاية لذلك الشعب خاصة إذا كانت العملية أيضا تستهدف مكوناته الأخرى كاللغة و الأرض.

تكمن أهمية التاريخ في الوعي الذي يقدمه نتيجة التراكمات التي خلقتها أجيال تلك الأمة أو الشعب خلال فتراته التاريخية المختلفة. ولاستخلاص تلك التجارب علينا معرفة التاريخ. و حين ما نقول معرفة التاريخ لا نقصد بها تلك المعلومات المجردة الحاصلة من الوثائق و الحفريات و المخطوطات، بل تلك المعرفة التحليلية(فلسفة التاريخ) الناتجة من تلك المعلومات. و في ظل هذا التحليل الموضوعي للتاريخ  سنتمكن أن تعلم الكثير منه و الانطلاق منه إلى الأمام و سيحصل من تلك العملية وعى جماعي يصب في ترقية الوعي الفردي و بمساعدة العوامل الأخرى سيكون داعما للإبداع و تخصيب الرؤى و الأفكار في مشروعنا التحرري.

و بناء على ما تقدم و أيضا بسبب الدور الرئيسي الذي يلعبه التاريخ في حفظ التجارب و الإرث الحضاري للشعوب و وصولا إلى تكوين هويتها بالإضافة إلى العناصر الأخرى كاللغة و الجغرافيا … حاولت الأنظمة الاستعمارية المختلفة على مر التاريخ في العالم استهداف هذا العنصر الهام عند الشعوب المستعمرة  و حرمانها منه. و لم يكن الاحتلال الفارسي استثناء في هذا المجال حيث هو الآخر اتبع هذه القاعدة و قام بشن حملة تفريس شرسة استهدفت كل شرايين الهوية العربية للأحوازيين، بما في ذلك التاريخ . و في إطار تلك العملية قام الاحتلال بالكثير من أجل تشويه و تحريف تاريخ الأحواز. بدأت هذه الحملة مباشرة بعد الاحتلال عام 1925م و طالت كل الشعوب التي تم احتلالها في تلك الفترة أي الكرد و الاذريين و البلوش … كان كل ذلك يصب في مصلحة ما قام به المجرم رضا خان لتشكيل الكيان الذي سمي فيما بعد “إيران” و ذلك من أجل تشكيل هوية موحدة لهذا الكيان و أيضا إضفاء الشرعية على احتلاله لتلك الشعوب التي كانت تتمتع بالاستقلال الكامل. قام بتنفيذ خطة رضا خان الاستعمارية عدد كبير من الشوفينيين الفرس الذين كانوا حوله و الذين كانوا يتمتعون بروح عنصرية فارسية و حاقدة خاصة على كل ما هو عربي ،و من أهم و أبرز هؤلاء الأشخاص، “افشار” و “الجنرال زاهدي”.  

في البداية حاولوا تزوير تاريخ لهم و لكيانهم الجديد، خصوصا بمساعدة ما توصل إليه بعض المستشرقين و إضفاء روح العنصرية الفارسية المتعالية عليه. في التاريخ الجديد تم تجاهل و تهميش جميع الحقب التاريخية التي كانت موجودة قبل و بعد ما تسمى بحضارة فارس للمناطق التي تم احتلالها و تم التأكيد فقط على تلك الحقب التي كان للفرس دورا فيها. في ما يخص تاريخ الأحواز لم نسمع كثيرا عن فترة العيلاميين الذين كانوا يحكمون المنطقة قبل الفرس بأكثر من ثلاثة آلاف سنة و التي كانت تعتبر مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ شعبنا و المنطقة و العالم. و غالبا ما يتم ذكر تلك الحقب فقط بإشارات خجولة لا ترقى إلى العلمية و الموضوعية كما هي موجودة في المناهج العالمية لدراسة التاريخ. لكن الحقبة التي تم تجاهلها و تهميشها أكثر هي حقبة ما بعد العباسيين حيث في تلك الفترة كانت تحكم الأحواز دول مستقلة جغرافيا و اقتصاديا و تحمل هذه الدول خصائص عربية أحوازية كاملة. و من أهم هذه الدول، دولة المشعشعيين العربية و الإمارات التي تلتها و التي كانت معترفا بها بناء على الاتفاقيات التي كانت تبرم بينها و الدول الأخرى ، مثل .أولا: اتفاقية الملاحة في نهر كارون سنة 1888 م بين أمير الأحواز من طرف والدولة القاجارية والبريطانية من طرف آخر.ثانيا:اتفاقية مايو أيار 1909 م التي تم عقدها بين الدولة البريطانية والأمير خزعل والتي تقرر بموجبها إنشاء معمل تكرير النفط في مدينة عبادان.ثالثا:اتفاقية شط العرب بين بريطانيا وأمير الأحواز من جهة والدولة العثمانية من جهة أخرى وذلك في تموز سنة  1913 م . وغيرها الكثير من الاتفاقيات التي تثبت استقلالية القرار الأحوازي آنذاك ). و ذلك التجاهل والتهميش كله  يهدف  إلى عزل الأحواز نهائيا عن جذورها و محيطها العربية.

 و بعد هذا التهميش و التحريف و محاولاتهم لترسيخه في عقول الفرس من جهة و الأحوازيين من جهة أخرى و بآليات مختلفة كتدريسه في المناهج الدراسية و الخ .. قاموا بتغيير كل المعالم العربية كالأسماء التاريخية للمدن و حتى منع استخدام الأسماء التاريخية العربية في الأحواز لأن الخطة تبقى غير مكتملة مع وجود هذه المعالم العربية في الأحواز.

 

18-1-2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى