المقالات

المقاومة على لسان الاحتلال

الشهيد أحمد مولى

 

من المؤكد إن معرفة عقلية العدو وطريقة تفكيره ضرورة في إدارة الصراع، وان تجاهل هذا الأمر أو التعامل معه بالتفكير السطحي، يعتبر بمثابة السير في ميدان الألغام، خصوصا إذا ما كان الأمر يتعلق بقضية مشروعة كقضيتنا العادلة، والتي تخوض معركة شرسة مع عدو عنصري لا يملك ذرة من الإيمان بالمبادئ الإنسانية والإسلامية كما يدعيها.

إن ما عُرف في الماضي والحاضر من العقلية الفارسية وطريقة تعاملها مع الأمور المعقدة والهامة، هو التجاهل والنكران، الخداع والمراوغة، التكتم والتعتيم، التزوير والتشويه و…..إذن في ظل هذه الخصوصيات والمواصفات التي لا تليق إلا بجنس الشيطان، من الذي دفع بالاحتلال الفارسي (الإيراني) إن يعترف مباشرة وضمنيا بقضية شعبنا كوجود على أرضه التاريخية، وذلك حسب اعترافه الصريح ” قبل آلاف السنيين ” و من الذي أرغمه على الاعتراف المباشر بالمقاومة الوطنية الأحوازية كقوة فاعلة و واقع فرض نفسه بجدارة واقتدار من خلال عمليات نوعية وجبارة، ومن خلال استمراريته جعلته يستصرخ ألما ويستنجد لكي تعينه الدول في معالجة جراحه وآلامه التي تتوسع يوما بعد يوم.

بكل تأكيد إن اعتراف كهذا له دوافع وأسباب عديدة و يمكن لنا أن نشير إلى البعض منها كالتالي:

أولا – تخطي قضيتنا العادلة حواجز التعتيم الإعلامي المفروضة من قبل الاحتلال (بنسبة مؤثرة ومقبولة) من خلال ارتباط التنظيمات والشخصيات الوطنية بالقنوات الإعلامية بشكل عام، والقنوات العربية منها بشكل خاص، حيث أصبحت القضية في العديد من القنوات الإعلامية نقطة حوار ساخن.

ثانيا– وجود مقاومة وطنية أحوازية فرضت نفسها قولا وفعلا كواقع على الأرض، مرغمة الاحتلال بالاعتراف والإقرار بضعفه أمام مشروعها الفكري والميداني، الذي بات يطارده كالكابوس في الداخل و الخارج.

ثالثا- فشل الاحتلال في إيجاد فجوة بين المقاومة الوطنية و القاعدة الطليعية والجماهيرية، التي عمل عليها بطرق مختلفة في الداخل والخارج مستخدما وسائل خبيثة عديدة لتحقيق أهدافه اللامشروعة.

رابعا – العمل الجاد والمثمر للقوى الوطنية والقومية الأحوازية في المنفي، وارتباطها وتواصلها مع مختلف الجهات و خصوصا الجهات العربية منها، لطرح القضية الوطنية الأحوازية و مشروعية نضالها و مقاومتها الباسلة ضد الاحتلال.

خامسا– انطلاقة المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم) من القاهرة والرسالة التي تضمنتها هذه الانطلاقة، كمشروع وحدة وطنية احوازية وكعمق و ارتباط استراتيجي عربي و التي تترتب عليه الكثير من العناوين و المفاهيم التي جعلت العدو يتخبط مرتبكا في تصرفاته اللااخلاقية.

إن فشل العدو في منع الحركة الوطنية الأحوازية من تحقيق واجتياح المجالات المذكورة آنفا، جعله يتجرع كأس الحنظل ويرغم بالاعتراف بوجود القضية الأحوازية ومقاومتها الباسلة (فكرا وميدانا)، مستخدما ورقة الإرهاب (التي يمارسه يوميا بحق أبناء شعبنا الصامد) كذبا وبهتانا في محاولة يائسة منه، لجعل مقاومتنا الوطنية المشروعة، والتي تستند إلى القوانين الوضعية والسماوية إرهابا و تعديا على حقوق الآخرين، متناسيا جريمة الاحتلال التي ارتكبها عام 1925 م بحق شعبنا و تقويض سيادته الشرعية التي كان يتمتع بها، وفق مكونات ومواصفات السيادة و الاستقلال للدول في تلك المرحلة.

لكن من غير الصحيح إن نختصر اعتراف العدو بقضيتنا و مقاومته في الأسباب المذكورة آنفا فقط، بل تتخلل هذا الاعتراف أهدافا شيطانية و مكاسب يسعى الاحتلال للحصول عليها، لكي يضرب الحركة الوطنية بشكل عام و مقاومتها بشكل خاص و يعرقل سيرها المتوازن كما يعتقد و يظن خائبا، ويمكننا أن نشير الى بعض الأهداف التي يتضمنها اعتراف العدو، وهي كالتالي:

أولا– إن الهدف من بث هذا الفلم الدعائي هو اتهام المقاومة الوطنية الأحوازية المشروعة، بالإرهاب كذبا وافتراءا لكي يخل في سمعتها ويؤثر على ارتباطاتها سلبا في المراكز والمؤسسات الدولية و ما شابه ذلك.

ثانيا– إن العدو يهدف من بث هذا الفلم إيجاد أرضية لاستهداف شخصيات وطنية في الساحة الخارجية، ولكي يبرر جرائمه مسبقا يحاول أن يتهم هذه الشخصيات السياسية بالإرهاب، كي يخفف من إدانته الدولية في عملية استباقية للأحداث، رغم انه سبق و ان أدين بمثل هذه الجرائم و لم يكترث في الإدانة أبدا.

ثالثا– يحاول العدو من خلال بث تصاوير لأسرانا الأحرار الذين تكلموا تحت ضغط سياط التعذيب، أن يُفصل قاعدة النضال و المقاومة في الداخل من القاعدة السياسية في الخارج، كما انه يحاول متوهما أن يربط نضال ومقاومة شعبنا التحررية بقضايا طائفية و مذهبية لا وجود لها إلا في عقليته المشبعة بالبغض والعداوة والعنصرية الطائفية.

ولكن في المقابل للرد على ما يطمح و ينوي عليه الاحتلال، نبعث له رسالة واضحة من خلال النقاط التالية:

أولا– إذا كانت مقاومة شعبنا المشروعة ضد الاحتلال والتي تستند إلى القوانين الوضعية و السماوية، تعتبر إرهابا فيا مرحبا بإرهاب يذود عن الأرض و العرض ويصون الكرامة الإنسانية والوطنية.

ثانيا– إذا كان العدو يخطط لعمليات إجرامية لاغتيال الشخصيات الوطنية البارزة، فنقول له يا مرحبا بشهادة تولد الأبطال من دفء التراب.

ثالثا– (نقول للاحتلال):إن المقاومة التي حَاوَلْتَ إسكات صوتها بالنار والحديد طوال العقود الثمانية الماضية، قد أصبحت اليوم فكرة وثقافة وتجاوزت كل حساباتك العنصرية الشيطانية، لذلك استهداف أي شخصية وطنية لا يؤثر في سير عجلة المقاومة ضد الاحتلال بل يزيدها عزما وإصرارا وإسراعا في الوصول للأهداف الوطنية المنشودة، وهي تحرير الأرض والإنسان الاحوازيين.

رابعا– إن التصاوير المفبركة التي تُبثها من أسرانا الأحرار، أصبحت مسرحية مكشوفة ومفضوحة لدي الجميع، لذلك لا تزيد هذه المسرحيات إلا أهمية وثقلا لأسرانا الأحرار، كما لا تزيد مشروعهم النضالي إلا مصداقية وتأييدا لدى أبناء شعبنا الغيارى.

18-3-2010

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى