لا شك أن الفصيل الوطني “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” مرت بفترات صعبة على مدى السنوات والعقود الماضية، منذ اعلان تواجدها في الميدان الاحوازي 2005، ثم انتشارها الواسع في الداخل وكذلك في المنفى، ولكن مع مرور الزمن تبين أن الجهود التي بذلتها لهذه القضية العربية العادلة والخسائر الكبيرة التي تكبدتها الحركة في الارواح والاسرى والاموال عبر السنوات القليلة الماضية، قد أتت بفوائدها المرجوة التي انعكست بقوة على اسم وطرح القضية العربية الاحوازية في المستويات الاقليمية والعالمية، ولعلنا لا نجافي الحقيقة ان قلنا أن مدى ذلك التأثير كان غير متوقعا عند الكثير من المراقبين مما احدثته حركة النضال من خلال اقدام مناضليها وقياداتها على الصعيد الذاتي والموضوعي وبذل الغالي والنفيس من اجل طرح القضية وطنيا واقليميا وعالميا.
ففي الوقت الحالي، أصبحت قضية الأحواز معروفة ومطروحة بشكل ملموس لدى الكثير من الشعوب العربية والعالم، وذلك كله بفضل من الله ثم عبر التضحيات الجسام الذي قدمتها من دماء شهدائها الوطنيين الذين أريقت في الميدان الأحوازي بمواجهات جريئة ضد العدو منذ التصعيد الوحشي الفارسي ضد شعبنا الذي خرج غاضبا على سياسات التفريس الفاشية ضد الحياة اليومية للاحوازيين بتاريخ 15 نيسان/ابريل 2005م، من جهة، وفي خارج الأحواز ابتداءً بتقديم قيادات الحركة من الصف الاول كل من الشهداء -بإذن الله- :
– الشهيد أحمد مولى
– والشهيد حبيب اسيود
والشهداء السابقين، من جهة اخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، أدت تلك الدماء الطاهرة التي أريقت من اجل ان تبقى رايتنا الوطنية عالية، والجهود إلى توحيد الأهداف الوطنية والتطلعات بين أبناء الأحواز وتحقيق التلاحم النضالي في صفوفهم والوحدة بينهم، أدى كل ذلك الفعل والسهر وبذل الجهود المضنية، أدت الى أن يعلو صوت الشعب العربي في الأحواز وفي كل العالم برمته، وفرضت حركة النضال باعمالها الكفاحية المتواصلة، ومن غير انقطاع منذ العام 2005 ولغاية الساعة، ضد العدو ومصالحه الاقتصادية في الأرض لإبراز قضية الأحواز على أجندات الاحتلال، وكشفت في ذات الوقت عن عدوانية الاحتلال الإيراني ووحشيته اللامحدودة.
وفي هذا السياق من المهم أن نذكر هنا اغتيال الشهيد القائد أحمد مولى (المؤسس لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز) ثم إعدام القيادي الشهيد حبيب أسيود، قبل اسابيع قليلة ضمن المحاكم الايرانية الجائرة، وهما كبار قادة حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، لم تكن سهلة على الحركة كفصيل، ولا حتى على أسر الشهداء، وكانت لحظات صعبة على الجميع الوطني والعربي، ولكنها اتضحت فيمابعد أنها كانت ربحا كبيرا للقضية الأحوازية على المستويات الاستراتيجية: ضد عدونا المحتل، وعلى الصعيديْن الوطني والدولي، وكما يقول المثل الشهير “رب ضارة نافعة”، فإن هذان الحدثان الأليمان قد ساعدا في تعزيز الوحدة الداخلية والتمسك بالمطالب الوطنية الأحوازية، فقد تمثل ذلك “نقطة تحول تاريخية” في تاريخ الحركة والقضية الأحوازية.
أما على المستوى الدولي، فقد أدى هذان الحدثان المأساويان إلى إبراز الوجه القبيح والارهابي لنظام “ولاية الفقيه” المجرم وممارساته القمعية ضد الشعب العربي الأحوازي، وصدع الإعلام الأوروبي لأيام وليالي متناولةً استشهاد أحد رموز الأحواز وهو الشهيد “أحمد مولى” رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز الذي اغتيل امام بيته في مدينة لاهاي الهولندية بتاريخ 08 نوفمبر 2017م، واليوم يتكرر نفس الحدث وتتعالى التنديدات العالمية عبر الارهاب الايراني الذي لم تتوقعه كثيرا من الدول الاروبية ولا حتى العالمية حينما أعدمت سلطات الاحتلال الايرانية القيادي الآخر لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز الشهيد حبيب أسيود فجر يوم السبت المؤرخ 06 مايو 2023، بعد ان كانت قد خطفته عبر مافياتها للمخدرات في العام 2020م من تركيا، وهذا بكل تأكيد أعطى المزيد من الوقت والانتباه للحركة الأحوازية المضطهدة ومطالب قضيتنا العادلة، وزاد الضغط على المجتمع الدولي للتحرك بغية إنهاء هذه المأساة الكبيرة ضد شعبنا العربي الأحوازي الأعزل، والتي بدأ نظام الملالي يتجاوز كل المستويات والقوانين في القتل والارهاب، ضاربا عرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها هذه الدولة المجرمة، وهذا الإحتلال الذي لم يتوانى في ممارسة كل انواع الارهاب والاجرام والاستيطان والقتل الجماعي ضد هذا الشعب العربي والشعوب غير الفارسية منذ قرن من الزمان.
وأما على المستوى الوطني، فقد لايخفى على أحد النقلات النوعية التي رسختها حركة النضال العربي لتحرير الأحواز وشهدائها الأوائل في أذهان الشعب العربي الأحوازي بمواصلتها النضال النوعي والجسور المتواصل في الميدان.
لذا ورغم أن مجريات عمليات الاغتيال والإعدام هما حدثان مأساويان، إلا أنهما ساهما بشكل كبير جدا في تسليط الضوء على القضية الأحوازية والتضامن الداخلي الايراني والعربي والاقليمي ثم الدولي مع عدالة قضية شعبنا العربي الأحوازي الذي يتطلع الى الخلاص من الارهاب الايراني وبسط الاستقرار والسيادة الوطنية، من جهة، كما أدى تصعيد صراعنا مع عدونا الفاشي الى إبراز واقع القمع الوحشي الذي يتعرض له الشعب الأحوازي على يد نظام ولاية الفقيه المجرم.
ولا نغالي إن اكدنا بأن هذان الحدثان أسفرا عن نقطة تحول كبيرة وشاخصة أن القضية الأحوازية انتقلت إلى قضية دولية، وجذبت الانتباه العالمي إلى واقع الشعب الأحوازي، وهذا ما كان يطمح له الشهيدان -بإذن الله- اللذان كانا يرفعان شعار “نموت ويحيى الوطن”.
الاستنتاج ….
ومن خلال شرحنا أعلاه، يتبادر لذهننا طرح السؤال التالي،
هل ربحت القضية الاحوازية من خلال تلك الدماء الطاهرة التي اريقت في سبيل كرامة شعبنا وعدالة قضيته الحقة؟
نستطيع اجمال حديثنا واجوبتنا على الاسئلة اعلاه بالنقاط التالية:
أولا: أن دماء الشهيدين أظهرا الوجه القبيح والمخفي للنظام الايراني على المستوى الدولي على أنه نظام ميليشياوي يعتمد على الارهاب عملا وسلوكا ، و لا يلتزم بأية مواثيق موقعة او التزامات قانونية، دولية او اقليمية.
ثانيا: تعزيز الوحدة الوطنية داخليا وخارجيا، اذ إن هذه الجريمة الجديدة جاءت لتؤكد على أن الأحوازيين يواجهون خطرا اقصائيا فاشيا ايرانيا جسيما يستدعي منهم الوحدة والتلاحم والتعاون لمواجهته، كما أن الجريمة تؤكد على ضرورة العمل على تعزيز الوحدة والتعاون بين الشعوب المستضعفة في دولة الاحتلال.
ثالثا: طرحت قضية الشعب العربي الأحوازي على المستوى الدولي والإقليمي، وكان الحدثان الإجراميان محط أنظار المجتمع الدولي برمته وشاهدنا الإدانات العالمية المكثفة التي صدرت بعد حدوث الجريمتين.
رابعا: اصبح من السهل اليوم على الدول التي تستقبل اللاجئين الأحوازيين الفارين من آلة القتل الايرانية التي تطاردهم في وطنهم وفي كل مكان، معرفة أبعاد وتفاصيل القضية الاحوازية مالها وما عليها، ومدى الظلم والتشريد المتزايد الذي يواجهه ملايين الاحوازيين في ظل سلطة القهر لهذا النظام المجرم.
خامسا: أن المجتمع الدولي اصبح في ورطة حقيقية اليوم لما يتعرض له الإنسان بشكل عام في الدولة الفارسية، وهو مطالب بوضع حد للانتهاكات المتسعة التي يتعرض لها الشعب الأحوازي والشعوب الأخرى.