المقالات

علامات الانهزام بدأت تتضح على وجوه المحتلين

الشهيد أحمد مولى

ليس غريبا ً أن يتشبث الغريق بكل حشيشة لكي ينقذ نفسه من الموت الذي بدأ يثقل أنفاسه الأخيرة ظنا ً منه في تلك الأوقات العصيبة التي يمر بها أن هذه الحشيشة سفينة للنجاة. لقد علمّنا التاريخ دروسا ً لم تـنس أبدا. ًذكر جبابرة و ظلمة بنيت أركان عروشهم على دماء الأبرياء و كلما زاد ارتفاعها و توسعت مكانتها، تدانت أكثر فأكثر إلى حافة الهاوية بفعل الظلم. و في الوقت نفسه يعلمنا التاريخ أنه عندما تفقد الممالك الظالمة توازنها و عندما تشعر برياح الانهيار، تبدأ بحرق اليابس و الأخضر معا ً و لهذا السبب متاحف التاريخ زاخرة في مثل هذه النماذج التي بقيت دروسا ً و عبرا ً لمن يعتبر و يقبل التاريخ خير معلم بُعث للإنسانية جمعاء .

يقول التاريخ عند ما حلقت بفرعون أجنحة الظلم و التكبر، نادى للناس أنا ربكم الأعلى فاعبدون. و لأن منطق العدالة يقول : ما طار طير و ارتفع إلا كما طار وقع : فعند ما بزغ نور الحق تزلزلت أركانه و بدأ مرتبكا ًبذبح براءة الخلق المتمثلة بالطفولة الإنسانية على أرصفة الأهرام المتجبرة ، فطال سيف ظلمه رقاب الأطفال إلى أن جرفته أمواج البحر إلى قعر الهاوية و بئس المصير.

فإذا كان الاستعمار القديم متمثلا ًبفرعون و أمثاله فتشبهه الحال كثيرا ً في الاستعمار الحديث أيضا ًحيث نرى النموذج الإيطالي عند ما أحاطت به الثورة الشعبية الليبية بدأ بسجن الصغير و الكبير في مخيمات تحيط بها الأسلاك و الألغام و عزز أعماله الإجرامية بحرق الأبرياء و هم أحياء و ما أشبه أهل الضلالة لبعضهم البعض. ما نراه اليوم من أعمال قمع و ذبح تطال أبناء شعبنا الأحوازي الجبار المتشبث بجذور عروبته الشماء ليس إلا دليل قاطع و برهان ساطع على الوضع المزري الذي يعيشه النظام الإيراني المحتل جراء شمولية و انتشار الثورة الشعبية الأحوازية ضد تواجد الاحتلال و وصولها إلى ابعد المناطق و المدن في وطننا الحبيب و المواجهة المستمرة التصعيدية و النوعية للمقاومة الوطنية التي بدأت تستخدم أساليب نضالية مختلفة أنهكت استقامة أركان الاحتلال و جعلته يتخبط و يرتبك في المواجهة حتى وصلت به الأمور إلى أن يستعمل أسلوبه الدنيء و القديم الجديد ضد أبناء هذا الشعب الجبار ظنا ً منه أن يعرقل مسيرة النضال التي رُسمت بدماء الشهداء الأبرار و استقامة و صلابة الأسرى الأبطال. فأضاف إلى سلسلة أعماله الإجرامية الشنيعة ( القتل و السجن و التهجير و… ) أعمالا إجرامية دنيئة أخرى حيث بدأ بمنع زيارة حجاج بيت الله الحرام و ضيوف الرحمن ، ف فعل فعلة لم يفعلها أي نظام محتل من قبل بغض النظر عن الأسباب و الحجج و تحت أي ظروف طارئة و عسكرية أو عكس ذلك في الظروف العادية .

فها نحن نشاهد إخوتنا الفلسطينيين و منذ احتلال وطنهم العزيز إلى يومنا هذا يمارسون شعائرهم الدينية و المذهبية و تحت أي ظرف يذهبون بكامل الحرية لأداء فريضة الحج المباركة في كل سنة.

ما يستدعي التمعن أن هذه الإجراءات والأعمال التعسفية و اللاإنسانية لم تكن جديدة على هذا الشعب المجاهد حيث سبق و أن ارتكبت هذه الدولة المجرمة جريمة بحق أبناء شعبنا في عقد الخمسينات من القرن الماضي على يد النظام المقبور حيث منع الكثير من أهلنا من أداء فريضة الحج المباركة حتى أثار هذا العمل الجبان ضجة في أوساط شعبنا الجبار واُعتقل على أثره الكثير من المواطنين ، فما أشبه اليوم بالأمس و ما أشبه الخلف بالسلف ، فهذه الأعمال الإجرامية التي يرتكبها العدو المحتل و طيلة عقود احتلاله البغيض لا تزيد شعبنا إلا قوة في المواجهة و ثباتا و تشبثا بأرضه الطاهرة و لا تزيد مناضلينا إلا عزيمة و إصرارا ً لمواصلة الطريق ، هذا من جهة و من جهة أخرى تكشف و تزيل هذه الأعمال الغطاء عن وجه هذه الدولة الفارسية العنصرية التي تعددت الأنظمة فيها ولكن سياستها العنصرية بقت واحدة. الدولة التي بنيت أسسها على أطلال القومية الفارسية المجوسية ذات الأحقاد الدفينة وعلى حساب الشعوب الأخرى ، الشعوب التي كتب عنها الكاتب الإيراني ناصر بور بيرار : أن هناك أكثر من خمسة عشر حضارة شيدت في هذه المنطقة ( ما تسمى بجغرافية إيران) و المناطق المجاورة لها قبل مجيء الاخمينين الرعاة الوحوش من مناطق الشمال المتوحشة آنذاك ليدمرون حضاراتها ، تلك الحضارات التي كانت مهد التمدن و الرقي و العلم في العالم كحضارة بابل و عيلام : فشاء الله سبحانه و تعالى أن ينتقم لهذه الشعوب من الظلم و الاستعمار و الاحتلال و أن ينصرهم على يد أفضل خلقه الرسول الأكرم محمد (ص) و براية خليفته الثاني عمر ابن الخطاب (رضي) و يطهر الأرض من أحقاد و استبداد الفرس المجوس الذي جثم على صدور الشعوب طيلة قرون عديدة .

ليس غريبا ً أن يعود التاريخ من جديد و تنبت اليوم نتيجة أحقاد هؤلاء الأسلاف عقلية عنصرية عند الأحفاد اليوم فيتمادون بإعمالهم الشنيعة على القوانين الوضعية و السماوية ويستعبدون ويستعمرون الشعوب و ينهبون ثرواتها كما فعل أسلافهم من قبل و يُحّرمون ما احلّ الله ويحللون ما حرّمه و يمنعون العباد من أبسط الحقوق الدينية و المدنية و الإنسانية والوطنية .

لكن بات على الله سبحانه و تعالى وعدا ًبأن ينصر الحق على الباطل و أن يكون خير سند للمظلومين والمستضعفين ،و وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون :: و ها إذ نحن نرى اليوم علامات النصر تلوح في الأفق المبين كما أن علامات الانهزام و الانكسار بدأت واضحة على وجوه الغزاة المعتدين و أخذ الارتباك يسيطر على أعصابهم و أعمالهم الدنيئة المشينة و أخذتهم الذلة بارتكابهم الجرائم تلوى الجرائم حتى وصلت بهم الأمور إلى مستوى من الدناءة و الرذالة تخجل الكلمات من تعبيرها و ينساب عرقا جبين الأقلام من كتابتها .

13-12-2007

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى