منذ العشرين من نيسان عام 1925 والأحواز، إمارة المحمرة- رازحة لاستعمار عنصري بغيض حرم شعب الأحواز من كل حقوقه، الإنسانية، الإقتصادية، الإجتماعية، التاريخية، الثقافية بالإضافة الى القمع السياسي اليومي حيث اضطر هذا الشعب ومن اجل الحفاظ على هويته العربية ان ينزف دما باستمرار كل هذه الأعوام الاثنين وثمانين العجاف. الأحواز، وهي تحت وطأة الإحتلال الشوفيني الفارسي تصارع من اجل البقاء، كل هذه الأعوام كانت غريبة على العرب ولم يحتضنها موطنها العربي إلا في بعض من الحقب التاريخية، في زمن الرئيس الراحل جمال عبدا لناصر في الخمسينات من القرن الماضي، وبعده لفترة من الزمن ساند العراق القضية الأحوازية والكويت أيضا في إطار محدود للغاية.
اليوم وبعد كل هذه الأعوام وبحجم كبير من التضحيات، خرجت القضية الأحوازية الى الساحة الدولية حيث تمكن الأحوازيين وبجهدهم الأحوازي وبمساندة من بعض الأشقاء العرب في المهجر، تمكنوا من طرح قضيتهم على معظم الدول المؤثرة في العالم وصدرت بيانات إدانة ومناصرة من بعض من المسئولين في العالم الحر ومن بعض المؤسسات الإنسانية الدولية على ما واجه الأحوازيين من قمع وقتل وتعذيب وإعدام.
ومثل ما يعرف المتابع العربي، لم تكن هناك أي مساعدة أو مساندة رسمية من أي من الاثنين وعشرين دولة عربية للقضية الأحوازية، ولو بشكل ضمني ولم يتطرق حتى الآن أي زعيم عربي خلال الخمسين عام الماضية عن القضية الأحوازية مثل ولو بعشر ما قاموا به من أجل مساندة القضية الفلسطينية أو الإريترية أو الصومالية، بل ولم يتحرك أي نظام عربي من الذين ساندوا جزر القمر وجيبوتي بمجرد تنديد لما يجري يوميا للأحوازيين من مذابح ومجازر تحركت لإدانتها معظم المنظمات الإنسانية الدولية!
كما ولم تقوم الجامعة العربية حتى الآن بأي تحرك ولو لقبول لقاء علني مع القيادات الأحوازية لطرح قضيتهم في الجامعة العربية أمام ممثلي الدول العربية أو على الإعلام العربي مع كل الزيارات التي قام بها الأحوازيين للجامعة في القاهرة ومع كل اللقاءات التي تمت في الخارج أكثر من مرة، حيث أبت الجامعة دائما ان تطرح القضية بشكل رسمي ورفضت حتى نشر خبر عن أي زيارة قام بها وفد احوازي لزيارة الجامعة كما وخالفت اخذ صورة تذكارية مع الوفود الأحوازية!
هذا بالنسبة للجهات العربية الرسمية،منفردة أو مجتمعة، لكن الأكثر ظلما من كل هذا، ان التجمعات الشعبية العربية بما فيها المؤتمرات القومية والقومية الإسلامية العربية لم تتجرأ هي الأخرى حتى الآن من طرح القضية الأحوازية على اجتماعاتها، لا، بل ولم تسمح بحضور الأحوازيين كأعضاء رسميين في هذه التجمعات الشعبية ليشاركوا أشقائهم العرب الحديث عما يعاني الشعب العربي عموما منه و ليطرحوا ما يواجهون يوميا من مظالم من المحتل الإيراني العنصري الذي حرمهم حتى من الظهور باللباس العربي في الشوارع!
وبالإضافة الى الدول العربية والجامعة العربية والتجمعات الشعبية القومية التي ذكرناها، هناك تجافي صارخ من قبل الأحزاب والتنظيمات العربية القومية ومنها الناصرية والبعثية ومن كل أطياف القوى التي تدعي دفاعها عن قضايا الأمة، حيث وان بدأت بعض هذه الأحزاب تطرح القضية الأحوازية على مواقعها وتنشر مقالات الأحوازيين على صحفها الرسمية ومواقعها على الإنترنت، لكن معظم هذه الأحزاب مازالت ترسم خارطة العالم العربي على صفحاتها الأولى وعلى مواقعها الرسمية دون أن يكون للأحواز مكانا على هذه الخارطة وهي بهذا تواكب القرار الرسمي العربي الذي ترك الأحوازيين يناضلون ويضحون منفردين دون ان يسمح لهم حتى بالحضور على الفضائيات الرسمية ليتحدثوا عما يعانون يوميا!
أشقائنا العرب، القوميين العرب، المفكرين العرب، القانونيين العرب، النقابات العربية، حاربت الجيوش العربية للفلسطينيين، فتحت الحدود لهم، جمعت الأموال لهم، دعيت المؤتمرات لهم، تبنت العرب قضيتهم، ومازالت القضية الفلسطينية حتى هذا اليوم هي قضية العرب الأولى، ولماذا لا والعرب أشقاء الفلسطينيين، عليهم ان يساعدوهم ويشاركوهم همومهم و أيضا يحاربوا من اجلهم وهذا يشرفنا مثل ما يشرف القادة الدول العربية لكن من حقنا نحن الأحوازيين ان نسأل، لماذا كل هذا الجفاء بحق الأحوازيين في الوقت الذي تحصل القضية الفلسطينية فيه على كل العون الإعلامي والاقتصادي والسياسي الرسمي والشعبي؟ لماذا كل هذا الجفاء من العرب للأحوازيين بعد ما انتفض العرب لمساندة الثورة في الجزائر وفي المغرب وفي تونس وفتحوا أبواب خزائنهم للثورة في اريتريا؟ كل نضالات الأقطار العربية حصلت على مساعدة شاملة وواسعة،الإعلام و المال والسلاح وقواعد التدريب، والدفاع العربي في المؤتمرات الدولية والعربية وتبنت الدول العربية رسميا كل هذه القضايا، دون خجل أو خوف أو ملاحظات سياسية من المستعمرين لهذه الأقطار وتمكنت في النهاية كلها تتحرر وتتمكن من الحصول على استقلالها بالمساعدة العربية، المحلية والدولية.
كل هذه المساعدات والمساندات كانت ضرورة وواجب عربي، قومي وإنساني ولا ندخل في أسباب تبني حتى النضالات غير العربية التي دخلت تحت خيمة الجامعة العربية بطلب وتأثير من بعض السلطات العربية، ودون ان نسأل عن جزر القمر العضو في الجامعة العربية أين تقع وجيبوتي العضو الثاني في أي بقعة على الأرض موجودة، ولم نسأل أيضا هل اريتريا والصومال دولا عربية أم لا! لكن من حقنا ان نسأل لماذا ليس الأحوازيين جزء من هذه القائمة الطويلة؟ الأحواز المنسية هذه، هي التاريخ العربي، هي مهد العيلاميين، أجداد العرب، هي التي اكتشفت فيها سلة حمو رابي، الأحواز هي الجزء الأهم في خارطة المشرق العربي عموما حيث تغطي طول الساحل الشرقي للخليج العربي من غامبرون” بندر عباس” الى مدينة عبادان، جزيرة الخذر التاريخية. الأحواز هي التي تفصل الحدود الشرقية العربية عن غير العرب وهي انتهاء السهل العربي على مشارف جبال زاغرس الإستراتيجية. الأحواز هي عسكر مكرم التاريخي وهي مدينة السوس وهي مملكة المشعشعين وهي إمارة المحمرة التي أنارت بعلومها وسياستها الخليج كله لفترة من الزمن لم تكن فيه دولة عربية تذكر في المشرق العربي. الأحواز التي تقطنها القبائل العربية من كعب وطي وخزرج و بني لام و بني تميم و بني منصور و كنانه وغيرهم من القبائل العربية الأصيلة. الأحواز التي بكت عام 1948 على نكبة الشعب الفلسطيني وخرجت للشوارع عام 1956 لتهلهل ماجداتها لتأميم قناة السويس والأحوازيين هم الذين تابعوا لحظة بلحظة معارك الشرف عام 1973و حاولوا الحضور للدفاع عن لبنان عام 1982 ولم يتمكنوا وهم الذين خرجوا بتظاهرات عارمة في شوارع المدن الأحوازية عام 2003 للاستنكار لما حصل للشعب العراقي وواجهوا القمع من السلطات الإيرانية. الأحواز هي التي تعرف جيدا وتحب ألجواهري والسياب ونازك الملائكة وتفخر بهم مثل ما تفخر بـ جميلة بوباشا وزهرا بوحريد، وهي التي بكت على جمال عبد الناصر مثل ما بكت القاهرة وحزنت على ما حصل في أيلول الأسود مثل ما حزنت غزة والضفة الغربية.
الأحوازيين الذين أعطوا آلاف الشهداء من اجل الحفاظ على الهوية العربية لوطنهم وللمنطقة! ألا يستحقون ان يعاملوا مثل ما عوملت اريتريا!؟ ويساندوا مثل ما سوندت جيبوتي وجزر القمر؟ الا تستحق الأحواز بهذه الأهمية الجيوسياسية والإستراتجية المناصرة وهي التي تعتبر الساتر الأول أمام التوسع ألصفوي باتجاه العالم العربي ودوله الحائرة بكيفية منع التمدد الإيراني أليوم؟ الا يستحق الأحوازيين العون الذي حصل عليه أشقائهم الجزائريين واليمنيين من العرب؟
أشقائنا، مسئولية تحرير الأحواز هي مسئولية احوازية بالدرجة الأولى، وهم مسئولين عن إعادة وطنهم، لكن الأحوازيين وإن يئسوا من أي مساندة من الأنظمة الحاكمة في العالم العربي مع كل ما فعلت ايران في أقطارهم، لكنهم يتوقعون ان تقوم التجمعات العربية الشعبية بدعوتهم لمؤتمراتها، يتوقعون ان يرون الأحزاب القومية العربية لا تزيل الأحواز من على الخريطة العربية على صفحات نشراتهم ومواقعهم، يتوقعون السماح لهم بالحضور على فضائيات العرب المستقلة و الخاصة وغير الرسمية ليتحدثوا عن قضيتهم ويتحدثوا مع شعبهم ومع العالم، الأحوازيين يتوقعون ان تكون لهم مشاركة في كل الاتحادات والتجمعات القومية الحقوقية والمهنية والنسوية والعمالية والطلابية وفي كل مؤتمرات هذه التجمعات، الأحوازيين يتوقعون موقف عربي شعبي مشرف يخجل الحكام العرب من مواقفهم ويضطرهم لإعادة النظر في نظرتهم للقضية الأحوازية. الأحوازيين يتوقعون ان يقرئوا مقال أو اثنين على اقل تقدير للكتاب العرب عن القضية يوميا، الأحوازيين يتوقعون برنامج نصف ساعة كل أسبوع عن القضية الأحوازية على كل فضائية عربية، الأحوازيين يتوقعون ان يرون أنفسهم مساندين من أشقائهم ويناصرهم شعبهم العربي وان جفت بحقهم السلطات.
m.ahmad2004@hotmail.com